الكويت تتسلم دفعة جديدة من ممتلكاتها المنهوبة من العراق.. واستذكار لملحمة الصمود في وجه الغزو الغاشم

في مشهد يجمع بين استعادة الحق التاريخي واستحضار ذاكرة البطولة الوطنية، تسلّمت دولة الكويت من جمهورية العراق دفعة جديدة من الممتلكات التي استولى عليها النظام العراقي السابق أثناء الغزو الغاشم عام 1990، وذلك تنفيذًا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، واستمرارًا لجهود البلدين في إغلاق الملفات العالقة بينهما.
400 صندوق تضم كتبًا وأشرطة ومواد أرشيفية
وأوضح مساعد وزير الخارجية لشؤون المنظمات الدولية الوزير المفوض عبدالعزيز الجارالله في تصريح لوكالة الأنباء الكويتية (كونا)، عقب مراسم التسليم في مقر وزارة الخارجية بالضاحية الدبلوماسية، أن الدفعة الجديدة تضم 400 صندوق تحتوي على كتب وأشرطة فيديو ومواد “مايكروفيلم” تعود ملكيتها إلى وزارة الإعلام الكويتية، مؤكدًا أن العمل جارٍ لاستكمال تسلّم جميع الممتلكات والمحفوظات الكويتية المتبقية.
وثمّن الجارالله دور بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) في متابعة وتنظيم عمليات التسليم، مشيرًا إلى أن التعاون المشترك بين الكويت والعراق يسير بخطى إيجابية نحو طيّ صفحة الماضي، في إطار من الاحترام المتبادل والالتزام بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية.
دعم أممي متواصل لملفات الأسرى والمفقودين والممتلكات
ورحب الجارالله بقرار مجلس الأمن رقم 2792 الصادر في 17 سبتمبر الماضي، والذي يقضي باستمرار متابعة المجتمع الدولي لملفي الأسرى والمفقودين الكويتيين والممتلكات الكويتية، بما فيها الأرشيف الوطني، من خلال تعيين ممثل رفيع المستوى للأمين العام للأمم المتحدة لمواصلة الجهود ذات الصلة بعد انتهاء ولاية بعثة “يونامي”.
وأكد التزام الكويت بدعم هذا الممثل الأممي وصولاً إلى استكمال المهام الإنسانية والحقوقية، مشيدًا بالجهود التي تبذلها الحكومة العراقية للعثور على الممتلكات الكويتية واستعادتها تنفيذًا لقرارات مجلس الأمن.
العراق يؤكد التزامه بتنفيذ القرارات الدولية
من جانبه، قال وكيل وزارة الخارجية العراقية للشؤون متعددة الأطراف والقانونية شورش سعيد إن “هذه الدفعة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة”، مؤكدًا أن بغداد مصرة على تنفيذ جميع القرارات الدولية ذات الصلة، ومنها القرارين (678) و(2107)، مشيرًا إلى أن بلاده تحقق تقدمًا مستمرًا في ملفات الأرشيف والمفقودين بفضل التعاون الوثيق مع الكويت.
وأضاف أن الاجتماعات المشتركة بين الجانبين تسير بإيجابية متزايدة، لافتًا إلى أن اجتماع اللجنة الفنية لترسيم الحدود سيُعقد قريبًا بعد الانتخابات البرلمانية العراقية.
«يوم مشهود» في مسار العلاقات الكويتية – العراقية
ووصف السفير د. محمد الحسان، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة “يونامي”، مراسم التسليم بأنها “يوم مشهود في تاريخ العلاقات الكويتية – العراقية”، مشيرًا إلى أن ما تحقق اليوم هو ثمرة لمرحلة جديدة من التعاون القائم على الثقة وحسن الجوار.
وأضاف أن العلاقات بين الكويت والعراق تمثل نموذجًا في تحويل جراح الماضي إلى جسور للتعاون، مؤكدًا أن هذه الخطوات ترسّخ مبادئ الاحترام المتبادل وحسن النية بين البلدين.
الكويت تستذكر الغزو الغاشم.. ملاحم الصمود والتضحية
تزامن تسلّم هذه الدفعة من الممتلكات مع إحياء الكويت الذكرى الـ35 للغزو الصدامي الغاشم الذي بدأ فجر الثاني من أغسطس 1990، حين اجتاحت قوات النظام العراقي السابق الأراضي الكويتية في عدوان سافر استهدف الكيان والسيادة الوطنية، محاولًا طمس الهوية ومحو الوجود الشرعي للدولة.
وقد شهدت تلك الأيام السوداء جرائم حرب وانتهاكات إنسانية جسيمة شملت القتل والاعتقال والتعذيب ونهب الممتلكات وترويع المدنيين، قبل أن يسطر الكويتيون بدمائهم ملحمة وطنية نادرة في التاريخ الحديث.
تلاحم القيادة والشعب.. ومقاومة لا تُنسى
أثبت الكويتيون خلال فترة الاحتلال أن الوحدة الوطنية هي السلاح الأقوى، فوقفوا خلف قيادتهم الشرعية، وأطلقوا المقاومة الكويتية التي أرهقت المحتل وفضحت جرائمه أمام العالم.
وبفضل صمود الداخل وحكمة القيادة، نجحت الكويت في حشد الدعم العربي والدولي لاستعادة سيادتها، حتى تحقق النصر في 26 فبراير 1991 بعودة الشرعية وتحرير البلاد.
استعادة الحق.. رمز انتصار دائم
اليوم، وبعد مرور 35 عامًا، تواصل الكويت استرجاع ما سُلب منها من ممتلكات ووثائق، تأكيدًا على أن الحق لا يسقط بالتقادم، وأن ذاكرة الوطن باقية ما بقيت السيادة والعدالة.
وبينما تُطوى صفحات الغزو، تبقى الكويت شامخة بإرادة أبنائها ووفائهم لتاريخها، ماضية في بناء مستقبل يسوده السلام والاحترام المتبادل مع جيرانها.




تعليق واحد